روبورطاج مآثر اقليم الجديدة قصة مقاومة اهمال لم تخرج بعد الى العلن

روبورطاج

مآثر اقليم الجديدة قصة مقاومة اهمال لم تخرج بعد الى العلن

اختارت جريدة الاتحاد الاشتراكي، إعادة فتح ملف الإهمال الذي تعرفه العديد من الآثار التاريخية بمنطقة دكالة في غياب شبه تام للمسؤولين المفروض فيهم الاهتمام بآثار مصنف تراثا عالميا وآخر لا ينتظر سوى التفاتة بسيطة تقوده حتما الى التصنيف العالمي فمنطقة دكالة تتوفر على العديد من المآثر التاريخية التي تعتبر من بين الأهم على الصعيد الوطني كالحي البرتغالي بالجديدة وازمور، قصبة بولعوان ، مدينة المجاهدين ،عين الفطر أو تيط الغربية ومغارات الخنزيرة، تلكم أهم وأبرز المآثر التاريخية التي تزخر بها منطقة دكالة التي تضم اليوم كلا من عمالتي الجديدة وسيدي بنور إلا أنها تعرف وضعية مزرية جراء الإهمال المقصود من طرف الجهات المفروض فيها الصيانة والإصلاح، مما أدى ببعضها الى التلاشي والاندثار فيما ما زال بعضها صامدا في وجه التعرية البشرية والطبيعية.
المسؤولون بمختلف رتبهم ومسؤولياتهم، يتذرعون بغياب الإمكانيات المادية، للقيام بالواجب، فوزارات الثقافة والسياحة والداخلية جميعها تشكو ضيق ذات اليد وغياب الموارد المالية والبشرية للقيام بعمليات الترميم والإصلاح فيما الجماعات المحلية لا تخصص أي مبلغ مالي للصيانة رغم أن بعضا منها هو من تقدم بتصنيف هذه المآثر التاريخية .وبالتالي تشكو أغلب المواقع الأثرية والسياحية بمنطقة دكالة، من إهمال وإقصاء وتهميش صارخ يشكل القاسم المشترك بينها.
أبو القاسم الشبري المختص في التراث والباحث التاريخي يؤكد بشكل مستمر وفي كافة تدخلاته إن على المستوى المحلي أو المركزي ، أن تراث دكالة غني ومتنوع ومواكب لكل مراحل تاريخ المغرب من عهود ما قبل التاريخ إلى اليوم. فالمواقع الأثرية والمآثر التاريخية، عديدة ومتنوعة، وتتوزع بين مدن ورباطات وقلاع وحصون وأبراج وزوايا ومساجد ومغارات وكلها تشمل المدينة كما القرية، وهذا الغنى والتنوع لم تواكبه بما يلزم من عناية، الدراسات والأبحاث، إذ يسجل أن هناك شحا في الدراسات والتوثيق كلما كان الإمر يتعلق بدراسة تراث دكالة، ولا تتوفر أية مدينة بالإقليم على متحف ولا على خزانة متخصصة تعنى بتاريخ وتراث وأعلام المنطقة.
وقد عمل الاستعمار الفرنسي على تصنيف غالبية المباني التاريخية والمواقع ضمن التراث الوطني بنصوص قانونية. كما عرفت فترة الحماية بعض الحفريات الأثرية وأوراش ترميم المباني التاريخية وكما هائلا من الدراسات والنشريات. وفي مغرب الاستقلال تجمدت تلك الحركية بشكل أقرب إلى الشلل. ويؤكد أبو القاسم الشبري، في تصريح للاتحاد الاشتراكي، أن حالة التراث المغربي بدكالة اليوم، لا تشذ عن القاعدة الوطنية فيما يتهدد التراث من نسيان وإهمال وغياب كلي لأية استراتيجية لكل الأجهزة المعنية الحكومية والمنتخبة، لأن كل مشاريع الترميم التي عرفها الحي البرتغالي من 1994 إلى حدود أشغال 2008 تاريخ آخر ترميم أنجزت بدون استراتيجية. وإذا كانت قد أعطت نتائج حسنة تقنيا، فإنها لم تنعكس على إشعاع القلعة البرتغالية وعلى حياة ساكنتها ، اللهم حدوث تغيير طفيف في الوضعية العقارية الذي انعكس إيجابا على بعض العائلات، لكنه ينعكس سلبا على النسيج السوسيولوجي لهذا الحي ذي الميزات الخاصة والمتفردة، وهو ما سيمس من دون شك الخصوصيات المعمارية والعمرانية للحي البرتغالي، ولم يشفع للقلعة تصنيفها في لائحة التراث العالمي .

الحي البرتغالي المصنف جداره تراثا عالميا
تحت ضغط المقاومة الشرسة لأهل البلد، غادر البرتغال مدينة مازغان مجبرين وقد ابتدأت أولى المحاولات من طرف السلطان مولاي عبد الله السعدي، وصولا إلى المجاهد العياشي الذي عمل على تجميع وتأطير السكان الأصليين، ليهاجم بعد ذلك القلعة سنة 1639م، انطلاقا من حصن الفحص الجنوبي وحصن تكني الشمالي، إلا أن ساعة الحسم لم تكن إلا على يد السلطان محمد بن عبد الله سنة 1769م . و أمام الحصار المفروض على ملك البرتغال ، أمر بإخلاء المدينة، والتوجه إلى البرتغال قصد البحث عن آفاق آمنة، فقرر أن يمارس سياسة الأرض المحروقة بعده وهو ما جعله يدفن 25 برميلا من البارود في السور الموالي للمدينة أي قرب برج سانت أنطوان وغادروها عبر باب البحر قرب برج الملائكة، فهدموا البنايات الداخلية وأتلفوا ما بقي من المؤونة وذبحوا القطيع وكسروا أرجل الخيول، وتركوا رجلا مسنا كلفوه بإشعال فتيل البراميل، وما كاد الجنود المسلمون، يلجون البوابة الرئيسية، حتى دوى انفجار هائل، أتى على جزء كبير من السور وتسبب في قتل العديد منهم قدر آنذاك بحوالي 5000 فرد، توفي أغلبهم تحت الأنقاض، حيث ظلت المدينة شبه خالية، أسوارها مهدمة وأزقتها مهجورة إلى حدود 1820م/1240ه، حيث يشير الناصري في كتاب الاستقصاء، إلى أن، سيدي محمد بن الطيب، أمر بإعادة إعمارها، وعمل على استقدام اليهود الذين كانوا مقيمين بمدينة آزمور، خاصة أنهم كانوا يتقنون التجارة والحرف اليدوية. منذ مغادرتهم لمزاغان، ظلت المدينة/الحي البرتغالي تتعرض يوما عن يوم لتآكل المباني والمنازل. ولم يفلح تسجيله في 30 يونيو 2004 ضمن التراث العالمي في رد الاعتبار إليه.
وتتعايش داخل القلعة البرتغالية إلى حدود اليوم، معالم الثقافةالمغربية والبرتغالية والإيطالية والإسبانية منذ القرن السادس عشر، كما تعايش فيها المسلمون واليهود المغاربة منذ بدايات القرن التاسع عشر، وتعايش معهم الأوربيون الوافدون من كل دول أوربا من أجل التجارة والأعمال في مدينة الجديدة ومينائها النشيط.
ويؤكد أبو القاسم الشبري أنّ قلعة «مازاكان» شكلت أول تمظهر لتلاقي البرتغال وأوربا – النهضة مع إفريقيا، وأول تطبيق لفلسفة النهضة في المعمار في إفريقيا.. ولهذه الاعتبارات التاريخية والعلمية والثقافية والعمرانية أقدمت منظمة «يونسكو»، في دورة سوزهو في الصين، يوم 30 يونيو 2004، على إدراج «مازاغان» ضمن لائحة التراث العالمي.

المسقاة جوهرة الحي البرتغالي المغلقة منذ ثلاث سنوات

كان وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، قد كشف أن لجنة مكونة من خبراء برتغاليين ستحل بالمغرب، لإبداء الرأي والتعاون فيما يخص الهندسة البرتغالية الخاصة ببناية المسقاة البرتغالية في مدينة الجديدة، والمغلقة منذ فبراير 2021.

وأشار في احدى توضيحاته بالبرلمان إلى أنه خلال الفترة بين سنتي 2019 و2020 تم إنجاز دراسة تقنية أكدت وجود مشاكل على مستوى البناية، ليتم إنجاز الروفعات الطوبوغرافية وتكلفت الوزارة بمشروع التهيئة.

وأوضح الوزير أنه منذ عام تقريبا (يوليوز 2022)، تم الشروع في المعاملات الإدارية الخاصة بتنزيل الصفقة، على أن يتم، بداية شهر يوليوز الماضي، الإعلان عن الصفقة الخاصة بالاستشارة الهندسية، على أساس أن تنطلق صفقة الأشغال وبداية إنجاز أشغال الترميم والتهيئة، بعد تحديد الشركة الحائزة على الصفقة مع نهاية السنة الحالية. الا ان لاشيء بدأ لحد الآن بعد مرور شهرين على تاريخ انطلاقة الأشغال

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن كلفة ترميم وتهيئة ببناية المسقاة البرتغالية في مدينة الجديدة تصل إلى 25 مليون درهم.

وأكد بنسعيد أن وزارة الثقافة اشتغلت كذلك إلى جانب وزارة إعداد والتراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، على مشروع ترميم وتأهيل الحي البرتغالي، بما في ذلك المسقاة البرتغالية،  ويتم الاشتغال على دراسة تقنية لهذا المشروع، على أن يتم بعد ذلك إعداد اتفاقية مشـروع مـنـدمـج يـروم الـتأهيل الحضري للحي البرتغالي بالجديدة.كان هذا الكلام قبل سنة تقريبا

وقال الوزير إن تأهيل هذه المعلمة التاريخية هدفه “إعطاء الحي البرتغالي جاذبية سياحية، وخلق دينامية اقتصادية انطلاقا من هذا المكان التاريخي لسكان الجديدة”.

يشار إلى أنه تقرر، في الثامن من فبراير 2021، إغلاق بناية المسقاة البرتغالية بمدينة الجديدة، بعد تدهور وضعيتها، على وجه أصبحت معه تشكل خطرا على الزوار.
وتعد المسقاة البرتغالية بالجديدة تحفة معمارية تاريخية، كان لها الأثر الأكبر في إدراج الحي البرتغالي بالجديدة سنة 2004 ضمن قائمة اليونسكو لحماية التراث العالمي.

ويعود تاريخ بناء هذه المعلمة الأثرية إلى القرن الخامس عشر الميلادي، ويمتد الصهريج الذي يسمى اليوم بـ”السقالة” أو “المسقاة البرتغالية” على فضاء مربع ضلعه 36 مترا، مبني بالحجر وبه خمسة وعشرون عمادا، تقوم عليها أقواس بعقد كامل تسند القبو الوسطي ولا تتوفر إلا على فتحة واحدة في وسطها، وكان الماء يصل إلى داخل الصهريج عبر قنوات في باطن الأرض تجلبه من العيون ومن المطر عبر تلك الفتحة العليا.


تفويت للأجانب يضر بالتراث العالمي
تحتضن «القلعة البرتغالية» بين أسوارها حوالي 400 منزل، منها حوالي 80 منزلا صار يمتلكها أجانب أو تحولت إلى «رياضات»، منها المصرح به كفندق قانونيّ ومنها التي تمارس أنشطتها في استقبال السياح بطريقة سرية .ويضمّ الحي البرتغالي، كذلك، أزيدَ من 50 بزارا و أربع زوايا دينية ومسجدا واحدا وخمسة معابد، إضافة إلى عدد من الفضاءات الأخرى..مقاهي مكتبة ومسرح
الا ان الحي البرتغالي منذ سنوات، يعرف ركودا في عدد الزوار، وحتى من يزورونه بشكل دائم أصبحوا مع مرور الأيام من سكان الحي، بعد أن اشتروا منازل من أصحابها بأثمنة بخسة وحوّلوها إلى «رياضات» يستقبلون فيها أصدقاءهم من حين إلى آخر، وعلى طول السنة دون أن يستفيد منهم الحي أي شيء..
وقد جلبت القلعة البرتغالية ، منذ تصنيفها كتراث عالمي، العديدَ من المستثمرين الذين اقتنوا مجموعة من الدور لاستغلاها في مشاريعهم السياحية أو للاستقرار فيها بشكل نهائي. وأكد بعض سكان الحي البرتغالي أنهم استبشروا خيرا بمبادرة أشغال الترميم التي كانت السلطات المحلية قد بدأتها في فضاءات الحي البرتغالي، وراهنوا على إمكانية إعطائها دفعة جديدة للحي، إلا أنهم فوجئوا بتوقفها دون أن يعرفوا الأسباب.. وكانت ساكنة الحي تعتقد أنّ تلك الترميمات ستشمل واجهات منازلهم بالنظر إلى كون أغلب ساكنة الحي هم من بسطاء القوم.
تراث ازمور بدء من القلعة وصولا الى مولاي بوشعيب السارية
لم تسلم مدينة ازمور بدورها من آفة الإهمال والاندثار والتي تعتبر من بين أقدم المدن المغربية على الأطلاق ،حيث استفادت من كل الثقافات الخارجية من الثقافة الفينيقية والرومانية والبرتغالية واليهودية و الإسلامية ، و يؤكد العديد من الباحثين في تاريخ المدن العتيقة، أن ذلك يتجلى من خلال مواد البناء والأدوات المستعملة فيه وكذلك الأقواس والأسوار، التي ما زالت تحتفظ بالخصائص الفنية والعمرانية، وتتكون المدينة العتيقة من بنايات مسورة بجدران كبيرة مفتوحة عبر أبواب كبيرة، أهمها الباب الفوقاني وباب سيدي المخفي، ويتحكم فيها ساكنوها من خلال مجموعة من الأبراج موصلة بممر دائري، إضافة إلى القصبة التي مازالت هي الأخرى تحتفظ بالزخارف والخطوط والأقواس.
آزمور الآن تشكو سوء حالها، وتبكي على ماضيها ، الأسوار تناثرت أحجارها وآخر حادث شهدته سقوط جزء كبير من جدارها ومحاولة إحدى الشركات الخاصة طمس معالم الجدار من خلال إعادة ترميمه بمواد بناء ستطمس كل معالمه في الوقت الذي يتذرع المسؤولون بانعدام السيولة المالية قصد إصلاحه وهو العذر الأكبر من الزلة خاصة أن التصنيف يشمل الجدران التاريخية فقط، نظرا لتغيير معالم المدينة البرتغالية ، كما أن الأبواب كسرت أخشابها. الحي البرتغالي بمدينة آزمور في حاجة إلى إعادة الاعتبار وترميم مرافقها، فمسؤولو المدينة تعبوا من رفع الشكاوى وتدبيج التقارير إلى الجهات المسؤولة دون أدنى التفاتة.
رباط تيط المنسي
مدينة تيط هي «مولاي عبد الله» الحالية. لا يعرف للمدينة تاريخ مضبوط، وهو ما جعل الآراء تتضارب حول تاريخ إنشائها وزمن تأسيسها، فمنهم من يرجع تسميتها إلى طوت حفيد نوح عليه السلام الذي استقدم إلى موريتانيا الشعوب المسماة بالطيطيين، ويرى البعض الآخر أن مؤسسها هو حانون الذي كان القرطاجيون قد بعثوه على رأس ستين سفينة من ذوات الخمسين مجدافا بقصد احتلال المدن الليبية الفينيقية، بينما يؤكد ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار، على أن تيط كانت تعتبر إحدى كبريات مدن المغرب التي حصر عددها في اثنتين وأربعين مدينة. (تاريخ مدينة تيط، محمد الشياظمي الحاجي السباعي). ومعلوم أن لفظة تيطنفطر هي لفظة بربرية تعني العين الجارية وتعني أيضا عين الفطر، ومعناها أيضا الطعام، وتذهب القراءات مذاهب عديدة، لعل أقربها إلى الصواب، ما يفيد أن عينا كانت توجد هناك.

تقع مدينة تيط على بعد 10 كيلومترات، جنوب مدينة الجديدة، أطلالها ما زالت بادية للعيان، تيط أو المنبع الذي توقف عنده مولاي إسماعيل أمغار في منتصف القرن الحادي عشر وهو أحد النساك المهاجرين القادم من المدينة المنورة صحبة إخوته الثلاثة، استقروا بمدينة تيط التي سميت بعد ذلك بعين الفطر شيدوا بها زاوية ومسجدا وتم تحصينها بالطريقة القديمة التي كانت تبنى بها المدن الموجودة على الساحل بغية اتقاء هجمات الغزاة. مدينة تيط البائدة في حاجة إلى نفض الغبارعنها والبحث في خفاياها للوصول إلى حقيقتها التي لا يزال أغلبها غير معروف خاصة أن الأشغال التي أجريت مؤخرا لربطها بالتطهير السائل قادت الى اكتشاف أعمدة مدينة أثرية دون أن يتم الإعتناء بهذا الإكتشاف أو الإعلان عن نتائجه خاصة وأن كل الدلائل تؤكد أن تيط مدينة تاريخية تستوجب الإعتناء بها من اجل تصنيف مآثرها تراثا إنسانيا لا موسما عابرا لتحقيق متعة عابرة.
قصبة بولعوان قصة قصبة يلفها  النسيان
تعتبر قصبة بولعوان أو قصر السلطان «لكحل» ، أحد أهم المراكز الأثرية المغربية، إلا أنها هي الاخرى عرفت إهمالا وتهميشا لا حدود له ، حيث أضحت نموذجا صارخا لما تعانيه العشرات من المآثر التاريخية بالمغرب من إهمال، إذ تعرضت أجزاء كبيرة من معالمها
للإتلاف، كان بالإمكان تداركها من خلال فتح أوراش إصلاح تعيد الاعتبار لهذه القصبة التاريخية باستثناء بعض الإصلاحات الخجولة التي شملتها خلال فترة الثمانينات ، إضافة إلى بعض الترميمات التي سبق القيام بها باستعمال الاسمنت ما أدى إلى طمس عدد من معالم هذا البناء التاريخي الذي يستوجب ترميمه أن يرتبط بخصائص معمارية و عمرانية من طرف مختصين في الهندسة المعمارية الأثرية.
ويؤكد عباس مهادي، الذي يحفظ عن ظهر قلب الكتابات المتواجدة بداخلها (النصر و التمكين، و الفتح المبين للمولى إسماعيل المجاهد في سبيل رب العالمين، أيده الله و نصره على يد وصيفه بالله سعيد بلخياط عام 1122 هجرية الموافق لعام 1710 ميلادية.) أن مؤسس القصبة هو السلطان عبد المومن بن علي الموحدي وقد سكنها كثير من الأشراف المحترفين لكسب الماشية والزراعة، كما عرفت أحداثا دامية خلال العهد الوطاسي حيث كانت خلال سنة 1514 مسرحا لمعركة بين المغاربة ومعتدين برتغاليين أتوا من مدينة أسفي و أزمور الأمر الذي دفع سكان بولعوان إلى إخلائها نظرا لعدم إحساسهم بالأمان، فقام المولى إسماعيل والذي رغب في إقرار الأمن بالمنطقة في أواخر حكمه ،بتشييد قصبة عسكرية لحراسة الطرق التي كانت تربط العاصمة مكناس بمختلف نواحي المملكة على اعتبار موقعها الذي يتحكم في أحد الممرات الرئيسية بين مراكش وفاس على نهر أم الربيع، ويجهل السبب الذي جعل القصبة مهجورة و خالية من السكان ،غير أنه أعطى تفسيرا مرتبطا بمحاولة المولى إسماعيل تأبيد ذكرى وفاة زوجته المفضلة (حليمة) التي حزن لموتها حزنا شديدا فأغلق القصبة ولم يعد إليها أبدا وبعد سنوات من ذلك أمر بإخلائها نهائيا، و أضاف أن الموقع الإستراتيجي للقصبة و تواجدها على الحدود المشتركة بين ثلاث قبائل كبرى هي دكالة، و الشاوية و الرحامنة، خول لها أن تكون مركزا للمراقبة و إن اختفت أهميتها الإستراتيجية اليوم فإن أهميتها التاريخية مازالت شاهدة على عصر مجيد برع فيه الأجداد في تشييدها بكل مهارة.و لعل ما يميز القصبة هو سماكة جدرانها كما أن بها برجا كبيرا يناهز علوه العشرة أمتار، إضافة إلى مسجد و قبة رجل صالح يدعى سيدي منصور و بقايا مسبح في الأسفل

وكان مؤخرا وزير الثقافة الاسبق قد زارها رفقة وفد من الخبراء حيث تم تخصيص ميزانية إصلاحها الا ان الأشغالظلت تتعثر ولم يعرف بعد مصير ما تم تقريره بشأنها .

طازوطا سر لم يخرج الى العلن بعد …؟
تتعدد المواقع الأثرية والسياحية بمنطقة دكالة وتتنوع كما تتعدد مظاهر الإهمال والإقصاء التي تتعرض لها مغارات الخنزيرة، التي لم يبق منها سوى الاسم، ومدينة الغربية بأعمدتها المزخرفة وأروقتها البديعة وآبارها وشهرة الصديكيين بها،دخلت تاريخ النسيان والوليدية التي بناها السعديون واستكملها العلويون ، تنحدر إلى مستنقع الإهمال ضدا على التاريخ والرموز. وبناءات الطازوطا المتفردة، التي لم تكشف بعد عن أسرارها ولم تحظ بعناية وهي تصلح لاستثمار كبير خاصة في المجال السياحي الذي أضحى مزدهرا بالجديدة ومناطقها التي يبدو ان الزيارات التي تتم لحد الآن مجرد سياحة خصوصية جدا تقوم بها جهات غير معروفة ومن بينهم أجانب حيث لن تفيد البلاد ما لم يتم تطوير آليات التسويق وتأهيل التراث المحلي وتحسين البنيات التحتية.
إنه غيض من فيض لما تعرفه ذاكرة وطن بأكمله من إهمال لذكرياته الجميلة، بل إن بعضا من مسؤولينا يريدونها فقط مواسم لحصد كل جميل وجدرانا للتشكي والبكاء من غياب الوسائل المادية واللوجستيكية في الوقت الذي تصرف مبالغ ضخمة على الهراء الذي لن يعود بالنفع على مدننا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *